لا يزال تعليم البنات أحد وأبرز المشكلات
التي مرّت بالأمة الإسلامية ولا تزال تعاني منها كثير من دول العالم الإسلامي حيث
لا يزال يرفض بعض الآباء والأسر والمجتمعات إرسال بناتهم إلى المدارس وتعليمهن, الأمر الذي يشكّل تحديا كبيرا
أمام الدول ونظم تعليمها وتحقيق أهدافها خاصة تلك التي يرتفع فيها أعدد النساء أو
تزيد على أكثر من نصف السكان.
وعلى الرغم من قدم المسألة التي تم بيان
موقف الإسلام منها بشكل واضح وقاطع من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى القرن
الخامس الهجري الذي جعل العديد من العلماء المسلمين يعقدون فصولا وأبوابا في كتبهم
المختلفة متصلة بهذا الأمر[1]
وإلى هذا العصر إلا أن الموضوع لا يزال محل بحث ودراسة ونقاش
ومن أبرز من تناول هذا
الموضوع بشكل واضح من المتقدمين أبو الحسن علي القابسي القيرواني (324- 403 ه ) في
رسالة سماها " الرسالة المفصلة لأحوال المعلمين وأحكام المعلمين والمتعلمين
" وتحدث فيها عن عدّة أمور منها أمرين سبق فيهما علماء وروّاد التربية في
العصر الحديث وهما:
1 – مجانية التعليم: وأنه حق
لكل صبيّ, وواجب على الدولة
2 – تعليم البنات: لأن الدين
الإسلامي عام لجميع الناس, والمرأة المسلمة لها حقها الكامل في التعليم كما بيّن
ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وجعل لنساء المسلمين يوما يجتمع معهن فيه يعلمهنّ
ممّا علّمه الله[2],
والأدلة على ذلك كثيرة وصحيحة وليس المجال مناقشة ذلك أو إثباته.
وعلى الرغم من وضوح موقف
الإسلام إلا أن أغلب المجتمعات الإسلامية عانت وواجهت مشاكل عدة تعلّقت بتعليم
المرأة ودورها في المجتمع ولا يزال الأمر قوي النقاش في بعض المجتمعات والدول
والمناطق ولم تسلم بعض المجتمعات داخل النيجر الذي يشكّل نصف سكانه النساء من هذا
الوباء.
فحسب الإحصائية الرسمية
للحكومة لعام 2012[3]
تشكّل النساء 50,29% من سكان النيجر أي حوالي 8,619,886 مقابل 8,518,818 من الذكور في مجموع يتجاوز
17,138,707 نسمة.
في عام 1998 تم إصدار قانون
توجيه النظام التعليم في النيجر, ويكفل هذا النظام التعليمَ لجميع المواطنين بلا
استثناء قبلي أو جنسي أو ديني أو عمري وهو حقّ للجميع ومع ذلك لم يستطيع عدد كبير
من البنات في النيجر من التسجيل في المدارس التي فتحت أبوابها للجميع لمواصلة
دراستهم فقد بلغ نسبة البنات الدارسين في المدارس الابتدائية في عام 2012 –
2013 إلى 74,7% مقابل 87,5% للذكور وبلغ
عددهن في المرحلة الإعدادية 17,9% مقابل 24,8% للذكور وأما في المرحلة الثانوية
فإن النسبة ضئيلة جدا حيث أنها لا تتجاوز 3,5% مقابل 7,3% للذكور[4]
وهذا يوضح ضعف التحاق البنات بالتعليم في النيجر خاصة في المراحل التي بعد
الابتدائية, وتفصيل ذلك في الجداول التالي:[5]
المرحلة الابتدائية:
الإجمالي
|
عدد
الإناث
|
عدد
الذكور
|
المرحلة
الابتدائية
|
||
2,091,302
|
932,863
|
1,158,439
|
الحكومي
|
||
74,966
|
39,178
|
35,788
|
الأهلي
|
||
2,166,268
|
972,041
|
1,194,227
|
الحكومي والأهلي
|
||
المرحلة
الإعدادية:
الإجمالي
|
عدد الإناث
|
عدد الذكور
|
المرحلة الإعدادية
|
|
298,452
|
119,152
|
179,306
|
الحكومي
|
|
56501
|
25,273
|
31,228
|
الأهلي
|
|
354,953
|
144,425
|
210,534
|
الحكومي والأهلي
|
|
المرحلة الثانوية:
|
||||
الإجمالي
|
عدد الإناث
|
عدد الذكور
|
المرحلة الثانوية
|
|
37,777
|
11,171
|
26,606
|
الحكومي
|
|
18,832
|
6,799
|
12,033
|
الأهلي
|
|
56,609
|
17970
|
38639
|
الحكومي والأهلي
|
|
عند
النظر إلى الجدول السابق والنسب المئوية السابقة يتضح لنا مدى ضعف الالتحاق
بالمدارس الإعدادية والثانوية من كلا الجنسين خاصة الإناث وهم الذين يمثلون نصف
المجتمع ويشكلون نواته وأركان إصلاحه, فحري إذن دعم الملتحقين بها والذين قطعت
أمامهم الطريق للمواصلة باعتبارها المصدر الرئيسي الذي يوصل الطلاب والمتعلمين إلى
مرحلة التعليم الجامعي المصدر الرئيسي لدعم الخطط التنموية الشاملة للدولة
والمجتمع من خلال كوادر وطنية مدرّبة.
الأسباب:
يتعدد
الأسباب التي تؤدي إلى عدم إرسال البنات إلى المدارس والسماح لهم بالدراسة أو عدم
تمكينهم من مواصلة دراستهم في المراحل المختلفة ويمكن أن نقسم تلك الأسباب إلى
ثلاثة :
1-
الأسباب الاقتصادية.
2 –
الأسباب الاجتماعية والثقافية.
3 –
الأسباب التي تعود في الأساس إلى المؤسسات التربوية والتعليمية.
1 –
الأسباب الاقتصادية:
تؤثر
العوامل الاقتصادية بصورة مباشرة على تعليم الأفراد كما يؤثر أيضا على المجتمعات
والدول وما يمكن أن يوفره لهم من إمكانات مادية ومعنوية التي تعكس عليهم من حيث
التوسع وتكافؤ الفرص التعليمية وتحسين أمورهم أو الارتقاء بمستواهم وتنويع أنشطتهم
وبرامج دراستهم كما يكون أيضا بعض العوامل الاقتصادية عائقا كبيرا أمام تعليم
الأفراد ومواصلة دراستهم و اختيار المؤسسات التربوية التي تناسب أهدافهم وتعينهم
على تحقيقها ومن أبرز الأسباب الاقتصادية التي تؤثر على مشكلات تعليم البنات في
النيجر:
أ - فقر
أولياء الأمور, وهذا يضطر بالبنت أحيانا للبحث عن العمل أو الاشتغال في الأعمال
المنزلية أو التجارية البسيطة كي تسدّ قوت يومها.
ب –
النزوح من القرى إلى المدن الكبرى فلا تجد من يتكفل لها التعليم أو يعينها عليها.
ج –
الصعوبات الاقتصادية التي تواجه الحكومة في تغطية تزايد الطلب على التعليم خاصة في
المناطق الريفية النائية.
2 –
الأسباب الاجتماعية والثقافية:
ومن
العوامل التي تحد من تعليم البنات في النيجر بعض المؤثرات الاجتماعية والثقافية
الموروثة والتي تلعب دورا هاما في صد الفتاة عن التعليم أو مواصلة دراستها ومن
أبرز تلك العوامل:
أ –
انعدام الدافعية أو قلّتها تجاه إرسال البنات إلى المدارس.
ب – عدم
إدراك أهمية تعليم البنات عند بعض أولياء الأمور.
ج –
الزواج المبكر في بعض الأحيان حيث يمنع أيضا الفتاة من مواصلة دراستها تبعا
لظروفها.
د –
الخوف من تأثير الثقافة الغربية على البنات.
ه – ضعف
الأدوار التي تؤديها المرأة في المجتمع وعدم تمكينهن في المؤسسات الاجتماعية أو
توظيفهن في الأماكن المناسبة.
و – قلة
النماذج المثالية للمرأة المسلمة المتعلّمة المتمسكة بدينها وقيم المجتمع وعادتها
وتقاليدها.
3 –
الأسباب التي تعود إلى المؤسسات التعليمية:
أ –
ارتفاع معدلات الرسوب لدى البنات خاصة في المناطق الريفية.
ب – عدم
ارتباط المناهج بالوقع وبالبيئة المحلية وظروفها.
ج – تصرفات
بعض المعلمين تجاه البنات قد تؤثر في مواصلة دراستهن.
ه – ضعف
مشاركة أولياء الأمور في إدارة شؤون المدارس.
و –
ومنها ظروف المدارس نفسها وظروف المباني والتجهيزات المدرسية التي تتسم غالبا
بالقلّة أو الانعدام كليا خاصة في المناطق النائية.
ز – عدم
توفر الوسائل التعليمية التي تعين المعلمين على ممارسة التدريس الفعّال المحقق
للأهداف.
ومهما
يكن فإنه يمكن القول بأن هذه المشكلات ليست مقتصرة على البنات فقط أو وَفقا على
مرحلة معينة بل هي في مجملها مشكلات تعاني منها كلا الجنسين وفي كل المراحل
التعليمية مع التفاوت بينها في الحجم والنسب ومدى التأثر والتأثير.
وعلى
ضوء هذه المشكلات يمكن الإشارة إلى بعض النقاط التي يمكن أن تساهم في الحل.
الحلول
المقترحة:
أ – أن
تنظّم الحكومة دورات وندوات مكثّفة حول أهمية تعليم البنات ودورهن في المجتمع خاصة
في المناطق الريفية.
ب –
الاستعانة برجال الدين ( الأئمة والخطباء وقادة الجمعيات الإسلامية) في توعية
المجتمعات بأهمية تعليم البنات وإرسالهن إلى المدارس وآثارها الايجابية التي تعود
على المجتمع.
ج –
تكثيف جهود الإدارات التعليمية في تعزيز توعية الطلاب والطالبات بأهمية مواصلة الدراسة.
ه سنّ القوانين التي تمنع من صدّ البنات عن
التعليم في كافة المراحل.
و –
بيان موقف الإسلام الصحيح والواضح حول تعليم البنات وأنها لا تعارض ولا تمانع من
ذلك بل تشجع عليها.
ز –
تعزيز دور المرأة في المجتمعات.
ح –
تشريك أولياء الأمور في إدارة المدارس وأنشطتها.
ط – وضع
برامج تحفيزية للمتميزات في مختلف المراحل وتكريم أولياء أمورهن.
ي-
ضرورة إصلاح المناهج ليعبّر عن واقع المجتمعات.
ك –
تدريب المعلمين على إدارة الصف وحسن التعامل مع البنات.
إبراهيم
عمر غربا
الإدارة التربوية
Ibrahimoumar75@gmail.com
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire